أبرز أخبار لبنان

مسيحيّو الجنوب يُحيون “الشعانين”: لن تنطفئ شمعة الرجاء

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

رغم الظروف القاهرة، يناضل المواطن لِيبْقى على قَيْد الفرح. يَصنَعه مِن أُمُور بَسِيطَة. يُريد أن يَحيَا ولو بِشَيء يسير. أَمَام كُلِّ هَذِه التَّحدِّيات، أَحيَت الطَّوائف المسيحيَّة التي تتبع التقويم الغربي عِيد الشعانين. لَم تَستسْلِم لمرارة الأيام. بِالْعَكْس، قَفزَت فوْقهَا، فَالعِيد قبل أي شيء هُو الحيَاة.

رَفض النَّاس الرضوخ لِقوانين سَرقَة الفرْحة مِنْهم، أقلّه في العيد، مع أَنهُم أَحيَوه بِغصَّة، فالظُّروف لَيسَت بِخَير. لكنّ الصَّلاة تَصنع المعْجزات. هذا ما تَجلَّى فِي مَسِيرَة الشَّعنينة في بلدة القليعة – مرجعيون. خرج المؤمنون بحثاً عن الأمل الضَّائع فِي غَياهِب الأزمات، غير مبالين بِتقلّب الدُّولار الذي حرمهم شِرَاء الحلوى ومستلزمات العيد. ما يهمّهم هو الصّلاة والدُّعاء لِلَّه، بِيَده وحده يكمن الرجاء.

دعوا للخلاص من كُلّ ما يحصل. إتكالهم على مخلّصهم الوحيد. صلّوا للمسيح والسيّدة العذراء. ربّما تَكون القليْعة البلدة الوحيدة أقلّه في جنوب لبنان اَلتِي تَخرُج بِمسيرة الشَّعنينة فِي طُرقات البلدة وُصولاً حَتَّى تِمثال السَّيِّدة العذراء، وَهُو تَقلِيد قديم تَتّبِعه البلدة، يُجسِّد دُخول السَّيِّد المسِيح إِلى أُورشليم، ولم تَتخَلّ عَنه يوماً، بالعَكس، يَحضُر المغتربون وَمِن يسكن فِي بَيرُوت، مِن أَجل هَذِه المسيرة.

نادراً مَا كان يَمُرّ عيد الشَّعنينة حزيناً. كان عُنوان الفرح. يَتَهافَت الأطفال على حَمْل الشُّموع المزيّنة، هَذِه الميزة تقلّصت، أخْفتْهَا الأزمة التي قَيّدَت حَتَّى الشَّمْعة، فَكُلفَة الواحدة بَيْن ثَلاثَة دولارات و50 دولاراً. الوضع لا يَسمَح بِالأَمر. بَعضُهم صنع الشَّمْعة فِي اَلمنْزِل، هرباً من شرائها بِأسْعَار بَاهِظة. «جُود بِالْموْجود» تُعلِّق جِيلْبِيرت اَلتِي ترى أنَّ الشَّعنينة فَرحَة لِأوْلادهَا، لا يَهُم نَوْع الشَّمْعة ولَا شَكلها، المهِم أن يَشعُروا بِقيمة العيد»، وتضيف إنّ «شِرَاء ثَلَاث شُمُوع لِثلاثة أَولَاد كَارِثة حَقِيقية فِي هَذِه الظُّروف».

فِي العادة كَانَت تَنشط حَركَة السُّوق فِي القليْعة عَشيَّة العيد، فَكُل الأهالي يشْترون الملابس الجديدة لِأوْلادهم، فالشعانين هُو عِيد الأطْفال، غَيْر أنَّ الظُّروف الاقْتصاديَّة حَالَت دُون ذَلِك. هذا ما يُؤَكّده لُطْف اَللَّه اَلذِي يَلفِت إِلى تَراجُع حَركَة البيع مُقَارنَة بِالسَّنوات الماضية، فالأوضاع المعيشية أَثرّت كثيراً على النَّاس. هُو وَاحِد مِن عَشَرات الذين لَم يتمكَّنوا مِن شِرَاء مَلابِس جَدِيدَة، ارتدى مَلابِس العِيد الماضي، إِضافة إِلى خِياطة بعضهَا. المهم بِرأيه هو الفرحة، فَالعِيد لَيْس بِالْملابس بل بِصفاء القُلوب.

إِذاً، يَبحَث اَلكُل اليوم عن الفرح، وهو ما برز في مختلف كنائس الجنوب التِي تَتبَع التَّقويم الغربِي. النَّاس يُريدون الأمن والأمان، هذا ما رَدّدَه الكهَنة خِلَال عِظاتِهم. دعوا إِلى عَودة لبنان إِلى مَا كان عليه قبل الأزمة، أيْ إِلى «عَصْر الـ1500 ليرة» كما قال خَادم رَعيَّة القليْعة اَلأَب بِيَار الرَّاعي مِن أَجْل أن يَتَمكَّن النَّاس مِن العيْش بِسلام، مشدّداً على ضرورة انتخاب رئيس للبلاد وَتجنِيب الوطن المزيد مِن الفرَاغ، كمَا دعا أيضاً كاهن رعيَّة الكفور الأَب يوسُف سمْعان. العِيد كمَا وصفَه مِتْروبوليت صور الأَب جورج إسكندر «مدْخَلنا إلى الأمل المتأتّي مِن آلام السيّد المسيح»، مُتأسّفاً إلى ما آلتْ إِليه ظُرُوف البلد مِن انحلال في مؤسسَات الدَّولة وسقوط اقتصاديّ مُدوٍّ بسبب المآسي التي تهبط على اللبنانيّين ألماً ووجعاً في نواحي حياتهم كافّة، آملاً في أن تَكون الأعْياد مُنَاسبة لِإعادة النَّظر فِي كلّ ما يَحصل من أجل حثّ المسؤولين على القيام بِواجباتهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى