Uncategorized

السودان احدى ساحات الصراع في الإقليم… هل التسوية ممكنة؟

منذ اكثر من شهرين، والصراع يدور بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يتزعمها محمد حمدان دقلو الشهير بـ “حميدتي”، مما أدى إلى دمار في العاصمة واندلاع أعمال عنف واسعة النطاق في منطقة دارفور غربي البلاد، وفرار أكثر من 2.5 مليون شخص من ديارهم وأوقعت أكثر من 2000 قتيل، في ظل مخاوف دولية من تسلل شرارة التوترات إلى الدول المجاورة.

وفيما لم تصمد الهدنة التي أعلن عنها بالعشرات سابقا، ولم تفلح الوساطة الإفريقية التي يلعب فيها جنوب السودان دوراً فاعلاً في تقريب وجهات النظر ووقف النار بشكل دائم، قبل الذهاب إلى التفاوض المباشر بين الجانبين للتوصل إلى حل للأزمة، سرت أنباء خلال الساعات الماضية بأن رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، وبعد اجتماع طارئ مع قيادة الجيش والأمن، قرر إغلاق الحدود، لأسباب أمنية. فما الذي يحصل في السودان؟

مدير معهد الشرق الاوسط للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر يؤكد لـ”المركزية” ان السودان ساحة من ساحات الاقليم كتلك اللبنانية او العراقية، بمعنى ان الدولة فيها تتفكك وأصبحت ساحة لصراعات وتدخّل قوى إقليمية دخلت على الخط لأن الدولة تمر بأزمة مشروعية”.

ويضيف: ” ان السودان، بعد فترة إسقاط عمر البشير ووصول اخر جزء من ثورة الربيع العربي اليه بنسخة مختلفة  أحبّ أن أُطلِق عليها تسمية “الجيل الجديد من الثورات”، التي لم تأتِ نتيجة عملية انتفاضة على النظام، بل على كل المؤسسات، وجاءت بالتعاون بين الجيش السوداني وقوى مدنية ونقابات لا سيما نقابة الاطباء ونقابات عمالية أخرى وحركة طلابية، هذه الثورة وصلت إلى نتيجة لكنها عادت واصطدمت بالتشدّد، فحصل انقلاب عليها، ورست الامور بين البرهان وحميدتي”، مشيراً إلى أن “عندما كان الرجلان على وئام، كانت الامور تسير على ما يرام، إلا أن القوى المدنية، كانت تسعى في الوقت نفسه إلى عملية انتقال مدني، ما أدّى إلى تدخّل وضغط أميركي أوروبي من أجل التوصّل إلى اتفاق على عملية انتقال إلى حكم مدني بعد أن كانت قد توقفت العملية، وذلك في كانون الاول من العام الماضي. هذا الاتفاق لاقى رفضاً من البرهان، ما دفع بحميدتي للاستفادة من الأمر. وهنا يجب ان نعلم ان حميدتي والبرهان انتقلا من موقع الشريكين الى موقع المتصارعَين. فحميدتي سار مع هذا الاتفاق لاعتقاده أنها طريقة للتخلص من البرهان، في حين ان البرهان رأى ان هذا الاتفاق سيزيحه من السلطة”.

ويتابع نادر: “تجدر الاشارة الى ان القوى في الاقليم منقسمة بين داعم للبرهان كمصر وتركيا، ومن عجائب الامور هنا ان مصر وتركيا اللتان كانتا بمواجهة في أكثر من ساحة تلاقيا على دعم البرهان، وروسيا التي هي من أبرز الداعمين لحميدتي، بينما دول الخليج توزعت بين الرجلين”، لافتاً إلى أن “حميدتي يطلّ على جيبوتي وله نفوذ في اثيوبيا والتشاد، فهو ليس لاعباً عسكرياً فقط لكنه أيضاً لعب دوراً في دارفور وهناك منطقته وهذه دول متاخمة لها، كما يتمتع أيضاً بقدرة اقتصادية كبرى، لأن دارفور تحوي على مناجم ذهب، وهذه أحد أسباب اهتمام روسيا بهذه المنطقة”.

ويعتبر نادر أن “السودان ساحة موزّعة على قوى الاقليم، كل قوة تحاول ان تبسط نفوذها وان تأخذ موقعاً في جزء من القرن الافريقي المهم جداً والمطلّ على البحر الأحمر. كما أن السودان مهمة جداً بالنسبة للمملكة العربية السعودية لأن ما يفصلهما هو البحر الاحمر، ورجال حميدتي لعبوا دوراً (فرقة التدخل السريع) بمساندة دول الخليج في معركتها ضد الحوثيين. إذاً المشهد متشعب”.

ويؤكد نادر أن “الامور في الفترة الأخيرة تفلتت من يدّ البرهان، لأنه اضطُرّ، من أجل مواجهة نفوذ حميدتي للتحالف مع القوى الداعمة لعمر البشير اي الاسلاميين، والذين كانوا أُزيحوا من المشهد كلياً بعد الثورة، ومنهم من سُجن وهم موزعون كقوى، لكن أُخرجوا من السجون وأُطلِقت يدهم في محاولة لخلق توازن مع حميدتي، وأصبحوا في نهاية المطاف هم القاطرة التي تدفع باتجاه المواجهات العسكرية وتحنّ الى الفترة السابقة”.

الى أين تتجه الامور، يجيب: “الى تفتت لأن الطريق الوحيد اليوم هي المحادثات التي تجريها السعودية في محاولة لوقف إطلاق النار. التسوية غير ممكنة مع الرجلين ولا بدّ للتسوية أن تعود إلى حكم مدني يكمل من المرحلة الذي توقفت فيها. لا ننسى ان السودان حصل على مساعدات من صندوق النقد الدولي وكانت آمال كثيرة معلقة على هذه الدولة، لكن الأمور اصطدمت برغبة وعطش الرجلين للسلطة، لذلك لا ارى أي تسوية ممكنة طالما هذان الرجلان موجودان وطالما ان هناك هذا الكمّ من التدخل والمصالح الاقتصادية لقوى فاعلة في الاقليم لاسيما روسيا التي تدعم فريقا والولايات المتحدة الاميركية التي تدعم الفريق الآخر وهما على حالة من التوتر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى