إقتصاد

الأزمة تضرب الجامعة: وجع الأساتذة وتفكك أداتهم النقابية!

تعكس الأجواء التي رافقت انتخابات #الهيئة التنفيذية لرابطة الاساتذة المتفرغين في #الجامعة اللبنانية تراجعاً في الأداء والحيوية التي تمثلها هذه الاداة التمثيلية التي شكلت في ما مضى حصناً ديموقراطياً ساهم في تطوير الجامعة وتعزيز دور أساتذتها نقابياً وأكاديمياً. الأمر لا يقف عند هيئة الرابطة بل أن التراجع الأساسي والخطير كان في انتخابات مجلس المندوبين الذي فاز معظم أعضاؤه بالتزكية في دلالة على عدم اكتراث الكادر التعليمي بالانتخابات ترشحاً واقتراعاً، وهو ما يشير إلى تعطل دور الرابطة، وتراجع العصب على الرغم من إجراء الانتخابات وفوز أساتذة أكفاء في الهيئة الجديدة.

ليس تفصيلاً أن يسقط كل المرشحين المستقلين في انتخابات الهيئة. وأيضاً تراجع تمثيلهم في مجلس المندوبين، وسط أزمة مصيرية تعانيها الجامعة أصلاً، وهو أمر لم يحدث خلال الانتخابات السابقة، حين تقدمت كتلة كبيرة من الأساتذة وفرضت نفسها على تحالف الأحزاب السياسية، فكسرت المحاصصة لكنها لم تبن على هذا الانجاز برنامجاً قائماً على المساءلة يعزز موقع الجامعة ويحصنها في وجه المحاصصة والبازارات الطائفية. فازت الأحزاب بتحالف وتواطؤ واضحين، وان كان البعض يقدمون أنفسهم على أنهم من خارج الأحزاب، إلا أن الصفة العامة للهيئة حزبية بامتياز.

يبرر بعض الجسم التعليمي أن ضغوطاً مورست على المستقلين لحسم المعركة مسبقاً بالتزكية، وأن اللائحة الفائزة خيطتها الاحزاب باتفاق محاصصة، علماً أنه لم يكن يوجد لائحة منافسة في السباق، بل عدد محدود من المستقلين، بصرف النظر عن طبيعة استقلاليتهم، لكن هذا التبرير يُسقط تجارب سابقة ويتجاوز تقييم ما حل بالحركة النقابية للاساتذة وببنية الجامعة أيضاً ويعجز عن قراءة اسباب عزوف الأساتذة عن المشاركة وعدم قدرة المستقلين على تحديد خياراتهم الديموقراطية للاستقطاب على أسس واضحة بعيداً من الشعارات المستهلكة. واللافت أيضاً عجز كتلة المستقلين التي اكتسحت مجلس المندوبين السابق عن القيام باي مبادرة جدية تعيد الدور الطليعي للرابطة بل الاكتفاء برهانات مليئة بأوهام سقوط الأحزاب في الجامعة.

حسمت الأحزاب سيطرتها مجدداً على رابطة المتفرغين وكأنها تحصيل حاصل. فاز تحالف حركة أمل و”حزب الله” والمستقبل مع بعض المرشحين غير المنتمين لاي طرف، ولذا لم تحدث معركة ديموقراطية حقيقة كما في دورة 2021، لا بل سجل استنكاف من الاساتذة ما يدل على انعدام الثقة بدور الهيئة النقابي معطوف على أزمات الجامعة بعدما تركت تصارع وحيدة بلا موازنة ولا دعم أدى ألى تراجع عدد طلابها، وهو ما دفع الاساتذة الى إعادة ترتيب أولوياتهم المعيشية في ضوء الانهيار العام والانحلال الذي أصاب كل البنى والمؤسسات في البلد.

المفارقة اليوم ان أكثرية الأساتذة لا يهمهم إعادة تصويب المسار العام لأداء رابطتهم وما إذا كانت قاصرة عن قيادة العمل النقابي لتحقيق مطالبهم، أو طرح آلية جديدة واقتراح اساليب ناجعة لإنقاذ الجامعة ولا فرض ممارسات مختلفة على المجالس التمثيلية. الوجع يضرب المعلمين في خاصرتهم الرخوة فلا ينظرون إلى الى مشكلة الجامعة كمؤسسة أكاديمية عليها أن تقلع وتؤمن الدراسة تثبيتاً لوجودها وصوناً لمصالح أهلها.

الرابطة تعيش اليوم أسوأ أزماتها، فيما النبض الذي تحرك قبل سنتين، مات سريرياً، وعندما يتشتت الأساتذة يصبح من السهل ضرب الحقوق ونزع المكتسبات وإدخالها في بازار الصراع الطائفي والسياسي. ولذا تبقى مهمة الأساتذة إعادة الجامعة إلى مسارها ومنع استسهال التلاعب بها، وذلك لا يتم إلا باستعادة عناصر قوتها الأكاديمية والنقابية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى