أبرز أخبار لبنان

الموازنة طارت في مجلس النواب

برغم الهجوم العنيف الذي شنّه النواب بجميع فئاتهم وكتلهم على المشروع المقدّم من الحكومة عن سنة أصبحت في خواتيمها، كادت الأمور تسير كما هو مرسوم لها بإقرارها في نهاية جلسات الهجاء لولا فقدان النصاب في اللحظات الأخيرة بعد أخذ وردّ وعدّ لأكثر من مرة، دفعت رئيس مجلس النواب نبيه بري الى رفع الجلسة إلى الاثنين في 26 أيلول وذلك لما بعد عودة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من جولته الخارجية.

وسأل النائب الياس حنكش خلال الجلسة: “من أهداف الموازنة انتظام مالية الدولة وخدمة المواطن، فهل انتظمت المالية، وهل خدمنا المواطن؟”. وأضاف أن “أرقام الموازنة وهمية وخيالية”.

بدوره رأى النائب فراس حمدان أن “الموازنة تفتقر إلى رؤية حقيقية وإصلاحات، ويجب إعادة النظر في الاقتصاد عبر فرض ضريبة على الثروة وتحفيز القطاعات الإنتاجية”. وتوقّف حمدان عند عدم تطرّق الموازنة إلى “الضرائب على الأملاك البحرية وموازنة مصرف لبنان وماذا لديه”، مطالباً بـ”الضرائب على أرباح المصارف”.

أمّا النائب مارك ضو، فاعتبر أن الموازنة “تشبه مسار حكم منهار، وقبول المجلس مناقشتها من دون قطع الحساب هو استكمال لمسار النهج القديم الذي فتك بالبلاد”. ودعا إلى أن تكون هذه الموازنة “آخر موازنة في النهج القديم، ويجب إسقاطها”. وعلى ذات المنوال، اقترحت النائبة بولا يعقوبيان “رد مشروع الموازنة إلى الحكومة”.

على المقلب الآخر، أشار عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض، إلى أن “البلد بحاجة لموازنة، ومن يطلب ردّها لا يعطي بديلاً منها”، معتبراً أن “المشكلة الجوهرية علاجها بخطة التعافي، وأن كل من لا يريد موازنة، إنما يريد دولة لبنانية مفلسة تؤدّي إلى مزيد من الجوع للشعب اللبناني”.

أما وزير المال يوسف الخليل فاعترف بأن هذه الموازنة ليست أفضل الممكن، لكن كما أتت الحكومة كـ”حكومة طوارئ”، أتت الموازنة على الصورة نفسها لتعالج “تدهور العملة المحلية، واستمرار تقلّبات أسعار الصرف، ونِسَب التضخُّم التي فاقت الـ100 بالمئة”، وكذلك معالجة “ركود اقتصادي على مدى أربع سنوات متتالية، وانخفاض في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 50 بالمئة”، وأيضاً الاعتناء “بحاجات المواطنين ككلّ، على أثر الأزمات المُتتالية، ولا سيما حاجات أكثر من 260 ألف من العاملين في القطاع العام بكافة أسلاكه ومتقاعديه، لتؤمِّن الحدّ الأدنى من التغطية الصحّية، والعطاءات، إلى جانب المنح الاجتماعية”. وهذه المعطيات أسّست بنظر الخليل لإعداد مشروع الموازنة “التي تُمثِّل برأينا موازنة طارئة، تهدف إلى معالجة الأوضاع المعيشية الراهنة للمواطنين”.

بالتوازي، نفى الخليل أن تكون الموازنة مجرّدة من الرؤية الإصلاحية. وأضاف أن “التصحيح بعد الانهيار هو أولى مراحل الإصلاح”.

وأشار الخليل إلى أن “تدهور سعر الصرف وتعدّده كبّدا المالية العامة خسائر كبيرة على صعيد الإيرادات، التي تراجعت من 22 بالمئة كمعدّل وسطي ما قبل الأزمات، إلى 10 بالمئة من الناتج المحلي عام 2021، فيما تبقى الإيرادات الداخلية المصدر الأبرز لتمويل النفقات نظراً لعدم إمكانية اللجوء إلى الأسواق المالية بعد التعثُّر عن دفع المستحقّات للجهات الدائنة”.

وفي السياق عينه، بَيَّنَ وزير المالية أن “الإنفاق العام تراجع من حوالي 30 بالمئة خلال عامي 2018-2019 إلى 12 بالمئة من الناتج المحلّي عام 2021.

ولفت الخليل النظر إلى أنه بعد مرور أكثر من 8 أشهر على عام 2022، فإن “الواردات التي كانت مُرتقبة في مشروع الموازنة لن تُحَصَّل بالكامل نظراً لعدم تفعيل الإجراءات التصحيحية المرجوَة في مواد الموازنة، وبما أن سعر الصرف المعتمد لاستيفاء الرسوم والضرائب في مشروع الموازنة 20 ألف ليرة للدولار كان المحور الأساسي في تقدير إيرادات الموازنة عند إعدادها، أتى تعديل الإيرادات المرتقبة بعدما تعذَّر التوافق على السعر المُقتَرح”. أما على صعيد الإنفاق فما زالت المالية حتى اليوم “تُصْرَفُ على القاعدة الاثني عشرية، مما يحدّ سقف الإنفاق لعام 2022 فيبقى المصروف الفعلي المرتقب ما دون مجمَل اعتمادات مشروع الموازنة العامة”.

وبهدف ضبط عجز الموازنة حرصاً على الاستقرار المالي والنقدي، أكّد الخليل أنه “اقتُرح خفض سقف الإنفاق في مشروع موازنة 2022 من 47328 مليار ليرة إلى 37859 مليار ليرة. وبالتالي أصبح عجز الموازنة المرتقب حوالي 13500 مليار ليرة، أي ما يوازي 36 بالمئة من مجمل الإنفاق”.

أما رئيس الحكومة نجيب ميقاتي فاعتبر أنه في الأعوام الماضية كانت الموازنة العامة تساوي 17 مليار دولار. هذه السنة باتت الموازنة تساوي مليار دولار.

وقال ميقاتي: “البديل الوحيد من التعاون بين الجميع لإقرار الموازنة هو “لا موازنة”، أي العودة الى الإنفاق على القاعدة الاثني عشرية التي لا تلبّي الإنفاق المستجدّ. أي رفض لهذه الموازنة يعني عملياً العودة الى واردات على سعر صرف هو 1500 ليرة للدولار الواحد، ما يعني مزيداً من سرقة إيرادات الدولة”.

وأضاف: “في الفترة الأخيرة زاد حجم الاستيراد 4 مليارات دولار، والتجّار يخزنون البضائع في مستودعاتهم في انتظار رفع الدولار الجمركي. هل نقبل أن نكون شهوداً على سرقة الدولة؟ علينا أن نتعاون بدل المضيّ في النهج الخاطئ ومنطق “عطّلني تا عطلك. مرّقلي تا مرّقلك”. ولكن هل الحكومة هي المسؤولة عن كل هذا النهج؟ يمكنني الآن أن أعدّد ما يقوم به كل وزير في وزارته”.

وأردف: “عام 2021 كان النموّ أقل 11 في المئة، ومنذ بداية العام الحالي الى نهاية تموز، هناك زيادة بنسبة 2،2 في المئة عن السنة الماضية. هناك قطاعات تعمل والبلد ماشي، الصناعة تعمل والزراعة الى حدّ ما متحركة، ولا يجوز إضفاء الصورة السوداوية على كل شيء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى